رحلتي الى بيرن .. جولة تمزج بين العراقة وسحر الطبيعة

قبل رحلتي الى بيرن  ،كانت بيرن حاضرة في كتب التاريخ، وفى لوحات الرسامين، وفى مقالات الأدباء، وفى كلمات الشعراء، تجد مدينة بيرن محتلة المكانة الأولى لكلماتهم ورسماتهم وسردهم لأحداث التاريخ، فهى المدينة الباقية عبر العصور محتفظة بأناقة عمارتها، لتلامس وتعانق طبيعتها تراثها الثقافي، فهى وحدها بسحرها قادرة على توليد ابداعهم ودعمه بموقعها الساحر على الهضبة السويسرية.

رحلتي الى بيرن .. جولة تمزج بين العراقة وسحر الطبيعة

في غرب وسط البلاد، شيدت المدينة في الساحرة وسط شبة الجزيرة، يحيط بها نهر الآر مع احتضان جبل جيرتن (858 م) وبانتيجر (947 م) للمدينة، مما أعطاها جواً من الدفئ، الذي يمتد بجمالها إلى خارج الحدود الطبيعية للنهر، وكونت المدينة من جسور  كجسر كرشنفلد وجسر نايدج قصوراً على ضفاف النهر، وكانت أحد المعالم التي أبهرتني أثناء رحلتي الى بيرن .

مدينة برن هى مقر الحكومة السويسرية، حيث يتواجد بها مجلس البرلمان والذى يقع أعلى المدينة، والذي نري أبوابه مفتوحة أمام الزوار في معظم الوقت.

احتلت برن  مساحة 52 كم تقريباً من الجمال والروعة مرتفعة عن مستوى سطح البحر بحوالى 542، وهى عاصمة سويسرا الإدارية ورابع أكبر مدنها من حيث عدد السكان.

يعيش في بيرن حوالي 127 ألف شخص معظمهم يتحدثون الألمانية، وبرن هي عاصمة كانتون برن الكانتون الثاني من حيث عدد السكان في سويسرا.

سحر الطبيعة وفخامة الضيافة

قبل رحلتي الى بيرن كنت في حيرة من أمر حول أماكن الإقامة، لكن في بيرن حيث الطبيعة الجذابة يمكنك اخيار أحد الفنادق العالمية التى تشتهر بها، حيث يوجد مجموعة من الفنادق المجهزة خصيصاً من أجل راحة زوارها، ولقد تميزت بيرن بموقعها في قلب سويسرا، مما جعل منها مدخلاً لجبال الألب الرائعة، مع مرورها بنهر الآر الذى يمكن زائريها من قضاء صيف ممتع تتراقص فيه الموجات النهرية مع الهواء النقي رقصة ساحرة تأخذ زوارها على طول الشاطئ حتى الوصول إلى مجرى النهر، حيث يستمتعون بالمياه النقية اللامعة المبهرة.

مدينة برن طفلة مدللة تنمو في وسط المجتمع الأوروبي، ومازلت تحتفظ بخصائصها التاريخية كما هى وتتباري مع قريناتها الأوروبيات في ذلك، كما تمتلك المدينة أطول منتزهات تسوق مغطاة طبيعياً بمظاهر الطبيعية الأوروبية من جبال الألب والسهول المحيطة به والذي كان لسحره ايقاع كبير على قلبي وعقلي لم ينتهي بإنتهاء رحلتي الى بيرن بل مازال موجوداً حتى الآن.

كما توجد فى ساحات المدينة  الأسواق الأسبوعية المليئة بالألوان والتى تقدم البضائع والمنتجات، فيقام سوق البصل في رابع يوم اثنين من شهر نوفمبر وهو حدث يستحق الزيارة على نحوٍ خاص حيث  يبدأ الزوار القادمين إلى السوق التقليدية المخصصة للبصل بالتدفق إلى المدينة منذ ساعات الصباح الباكر.

واذا كان لديك شغف بالتحدي والإستمتاع، عليك التوجة سريعاً إلى هناك حيث يوجد ملعب وانكدورف لكرة القدم، والذي يقع في وسط المدينة ويتسع لـ 64000 متفرج. وقد أقيمت على أرض هذا الإستاد العديد من المناسبات الرياضية الهامة مثل نهائي كأس العالم 1954، ونهائي كأس الأمم الأوروبية 1961، ونهائي كأس الكؤوس الأوروبية 1989.

جولة بين عبق القرون الوسطى

لننتقل في جولة عبر العصور داخل أرجاء مدينة بيرن، حيث تشم هواء قادم اليك من العصور الوسطى، مع الكثير من النوافير، وترى الواجهات المبنية من الحجر الرملي، مع  الشوارع الحاضنة لبعضها، مع  الأبراج التاريخية الفريدة من نوعها، حيث تتزين المنطقة بوجود  حديقة روز غاردن المعلقة أعلى بيير بارك ومنصة برج الكاتدرائية الواقعة على ارتفاع 101 متر تقدمان عرضاً من أجمل العروض تناغماً بين التاريخ والطبيعة، منسجماً مع روح البلدة القديمة التي يتدفق من حولها نهر آري، وترى انسدال  الخنادق والحصون السابقة بشكل حاد نحو النهر، جمال يجاوره السحر ويظله الروعة والإتقان .. مرحباً بكم في بيرن الجميلة ♥.

ورغم أن شبكة الطرق والمواصلات فى المدينة من أجمل ما يميزها الا أنك تجد نفسك دون تحم فى قدميك تود التجول عليها بين المحلات  التجارية والبارات والملاهي الليلية في البلدة القديمة، والتي يقع البعض منها في أقبية مقببة، وكما يجذبك احتساء المشاريب الساخنة على المقاهى الصغيرة سواء ان كنت من السكان المحليين أو من السياح.

ولن تكتفي برن بإحتواء التاريخ داخلها والحفاظ عليه على مر الزمان، ولكن جملت نفسها بلباس الفن، فتضم المدينة المجموعة الأشمل من أعمال الفنان بول كلي،  كما يحكي بيت ألبرت أينشتاين قصة صاحبه الفيزيائي العبقري في مدينة بيرن منذ بداية القرن العشرين.

كما تقدم برن مجموعة مثالية من العروض في داخل متاحفها الناطقة بالأصالة، والمعبرة عن تاريخ مفكر على هذه الأرض، فنجد متاحف مثل متحف التاريخ، ومتحف الفن، ومتحف جبال الألب السويسرية ومتحف الاتصالات، والكثير من المعالم السياحية التي شاهدتها أثناء رحلتي الى بيرن .

كما اقترنت المدينة بشعار معبر تماماً على استعمار الطبيعة البرية لقلبها، فهناك حديقة الدب (بيبر بارك) التى تعتبر موطن عائلة من الدببة، كما توجد الحديقة النباتية، و حديقة الحيوان، في منطقة ماتي القديمة، وجميعها معالم شاهدة على ارتباط الطبيعة القوية بهذه المدينة.

لا تفوتك زيارة هذه المدينة، والتأمل في جمالها وانسجامها وروعتها، إنها مدينة سويسرية بلمحة عبقرية من الطراز الراقي.