أخبار اللجوء والهجرة

الهجرة بين الصعود للأفضل أو قعر الهاوية

الهجرة بين الصعود للأفضل أو قعر الهاوية خياران لا ثالث لها أمام من يرغب في الهجرة عليه الإنتباه لهما جيداً، ورغم أن الكثير يبحث عن الهجرة لحياة أفضل في بيئة أفضل، لكن لا تسير الأمور دائماً كما نخطط لها، فالهجرة إما واقع مرير يواجه الكثير من المهاجرين يؤدي في النهاية إلى دمار وتفتت عائلات كانت قبل الهجرة متماسكة إلى حد مقبول، أو عكس ذلك.

ما سأتحدث عنه ليس تعميماً على مجتمعنا الذي أنتمي اليه، لكن لوضع بعض النقاط على الحروف، ولكل شخص حرية الفهم والحكم على بناءً على طريقة فهمه.

الهجرة بين الصعود للأفضل أو قعر الهاوية

بعد الهجرة تتحول حياة الكثير للأفضل هذه الفئة لن أتطرق لها لأنها خططت بشكل واضح لما تريده من الهجرة، لكن الكثير أيضاً بعد الهجرة تصبح حياته أسوأ مما كانت عليه قبل الهجرة، وهذا بسب تقلب الأخلاقيات، أو بمعنى أدق سقوط رداء القيم عند الكثير من الناس بعد الهجرة.

الدمار يكون من الطرفين الزوج والزوجة، ولكن حتى أكون صادقاً يأتي الدمار الأكبر من الزوجة في معظم الحالات التي كنت على اطلاع عليها رغم أخطاء الزوج الكبيرة والتي منها ثقافة التهميش الكبيرة التي كانت تعيشها معظم الزوجات بسبب الأزواج، فدور الزوجة كما يراها الكثير في مجتمعنا العربي، هو الفراش، وأمور المنزل مثل تربية الأطفال وتجهيز الطعام دون العودة لرأيها في معظم مناحي الحياة.

الزوجة مثلاً في مجتمعنا غالباً لا يمكنها اختيار اسم المولود، ورأيها فقط من باب المجاملة، لكن القرار النهائي للزوج أو والدة الزوج أو أخت الزوج !!! ولا يأخذ برأيها في النهاية، والحالات المشابهة كثيرة.

بعد الهجرة يبقى الزوج على طريقة تفكيره القديمة دون تغيير، والتغيير لدى بعض الأزواج يكون في الأفعال المحرمة خارج بيته، وتبقى نظرة الزوج تجاه الزوجة بدون تغيير بإعتباره أن دور المرأة في حياته هو دور الآلة التي تستخدم للعمل فقط، لكن هيهات الأمور لا تبقى كما هى عليها ولا تترك دوائر الهجرة في اوروبا أو غيرها من دول الهجرة المعروفة الأمور كما كانت عليه، وتبدأ عجلة التغيير مع أول مقابلة مع موظفي دائرة الهجرة أو مع بعض الزوجات التي يعيشن في هذه المجتمعات منذ فترة، عندها يبدأ الحديث بالتعارف ومن ثم يصل الحديث إلى النقاط التي قد تؤدي إلى الدمار، وحقيقة الزوجة ستتعرف على هذه النقاط عاجلاً أو آجلاً، هذه النقاط في عرف هذه المجتمعات شئ طبيعي لكن في مجتمعنا الشرقي بعضها لا يسمح به نهائياً وديننا يحرمه، والبعضى الآخر حق الزوجة حتى وإن كانت تعيش في مجتمعنا طبقً لأعرافنا وتعليم ديننا.

النقاط التي لا يقبلها عرف مجتمعنا ولا ديننا هى عندما تعلم الزوجة ممن تجالسه أنها بإمكانها السهر والعودة متى شائت، أو أن تقوم الزوجة بمضاجعة رجل آخر غير زوجها، ولا يمكن لزوجها فعل أي شئ حيال ذلك، أو ماشابه من هذه النقاط.

أما النقاط التي يقبلها مجتمعنا وكما قلت هى حق للزوجة، هى أن يكون لها رأي في اختيار المدرسة التي سيدرس فيها طفلها، أو اختيار اسم طفلها، أو أن تخبر الزوج أنها مرهقة من عناء يوم طويل، ولا يكمنها الذهاب للفراش هذه الليلة دون تذمر الزوج أو اجبار من قبل الزوج على ذلك، والنقاط الشبيهة كثيرة وتطبق في مجتمعنا بشكل واسع وهى حق أصيل للزوجة، طالما كانت المتطلبات لا يحرمها ديننا، لكن الكثير من الأزواج يحرمون على زوجاتهم كل شئ حسب تفكيرهم ومزاجهم، هؤلاء الأشخاص سيكون مصير أسرهم التالي :

الكثير من الزوجات عندما تعرف أنها بإمكانها فعل ما يحلو لها ولا يمكن لزوجها الإعتراض على ذلك، ستبدأ في السير في طريق فعل ما يحلو لها، لا أن تطالب بحقوقها فقط التي حرمها منها زوجها، وستبدأ في سلوك نفس الطريق الذي سلكه زوجها معها، لتعويض ما تشعر أنه فقدته بسبب زوجها، وستحاول اظهار القوة بعدم احترام دينها أو عرفها الذي تربت عليه، نتيجة الإنتقام من زوجها والرغبة في التخلص منه أو اجباره على الرضى بالأمر الواقع، عندها سيشعر الرجل بأنه أصبح بلا قيمة بعدما كان يتربع على عرش الأسرة، وستبدأ المشكلات وبالتأكيد الضرب، من قبل الوج في الكثير من الحالات بعدها ستلجأ الزوجة لمن تعرفت عليهم سابقاً والتي غالباً يواجهون نفس المصير ولن يفكروا في حل للأمور، بل سيفكرون في تعقديها، ومع تكرار المشكلة ستتدخل دائرة الهجرة، والتي أسهل ما عليها إما وضع الأطفال حضانة الأم وستنشأهم الأم على ما يحلو لها، أو بمعنى أدق كما يحلو لدائرة الهجرة.

أقرأ أيضاً – تأثير الهجرة على المجتمعات

أيضاً من الشائع جداً أن تأخذ دائرة الهجرة في البلد التي يعيش فيها الزوج والزوجة الأطفال وايداعهم في إحدى دور الرعاية المخصصة لذلك، وتربيتهم على نمط الحياة في نفس المجتمع ليكبر الأطفال كما يحلو لدائرة الهجرة، وعندما يكبر الأطفال لا يمكن اعادتهم إلى الطريق مرة أخرى، وبذلك تتدمر الأسرة بالكامل، الزوج سيذهب في طريق وحده، مع مصيره الذي غالباً سيكون سيئاً، ووضع الزوج لن يختلف كثيراً، أما الأطفال مصيرهم معروف، ستتم تربيتهم على التحرر المفرط الذي يخالف عاداتنا وتعاليم ديننا.

وبعد

الأزواج غير المتفاهمين قبل الهجرة، فرص تفاهمهم بعد الهجرة أقل وقد تنتهي لدمار الأسرة بالكامل كما أوضحت، خصوصاً من يخلع رداء الأخلاق الذي كان يتستر به في مجتمعه، وخصوصاً الزوجات التي يعتبرن أنهن يبحثن عن الحرية، وأن اختيار الملبس وعدم السهر وماشابه عادات فرضت عليهم ولم يخترن ذلك، ونسوا أن دينهم و من فرض عليهم أمر الملبس وليس مجتمعهم أو أزواجهم.

على الأزواج أن يتعلموا شئ اسمه التشارك بصرف النظر عن الهجرة، وعند التفكير في الهجرة على الأزواج أن يضعوا أمامهم نقاط يسيرون عليها هم وأبنائهم، من بين هذه النقاط احترام قانون وعرف البلد الذي سيعيشون فيه دون الإقتراب بالقوانين التي تخدش وتضر بأعراف وتعاليم دينهم ومجتمعهم الذي ولدوا فيه، ومجتمعات الهجرة بشكل عام، لا تجبر أحد على التخلي عن عاداته وتقاليده أو تعاليم دينه، لأن هذه المجتمعات تؤمن وتعتبر أن هذه ثقافات وديانات شعوب يجب احترامها، بل إنهم يحترمون من يتمسك بثقافته ومبادئه، أما من يتخلى عنها فيعرفون أنه بلا مبدأ لا يحترمونه، ويؤمنون بمبدأ أن من تخلى أصله يمكنه التخلي أن أي شئ سواه.

خاتمة

الحديث عن الهجرة بين الصعود للأفضل أو قعر الهاوية له جانبين في ما يخص جانب الهبوط للهاوية أخذت  هذه الفئة في الإنتشار شيئاً فشيئاً خصوصاً في الفترة الأخيرة بعد موجات اللجوء الأخيرة التي شهدتها اوروبا، في الجهة المقابلة يقع الجانب الأكبر وهو الجانب المشرق الذي يعلم أن المشكلات تحدث قبل الهجرة وبعد الهجرة، فعند السفر عندما يواجه الأزواج مشكلة يقومون بحلها بينهم دون تدخل من أحد، وهناك الكثير من الأزواج يعيشون مع بعضهم على نفس النمط قبل الهجرة، ومن ثم شيئاً فشيئاً تتولد لديهم سياسة المشاركة بشكل تلقائي بدون أي مشكلات، وذلك بسبب ثقافة المجتمع الذي يعيشون فيه الذي يفرض عليهم ذلك، لأن المجتمع هو العامل الأكبر، ومجتمعنا مثله مثل أي مجتمع لديه ثقافات وعادات خاصة به يصعب على الرجل التفريط فيها، والزوجة الشرقية تعرف تمام المعرفة هذه العادات وتقتنع بها، ولا تبحث غير عن حقوقها فقط دون ابتزال لأنها تعلم أن الإبتزال يقودها لأشياء تخالف معتقدها الديني، والزوج أو الزوجة التي تبحث عن الإبتزال، أحدهما يكون أساس دمار أي أسرة، سواء داخل الوطن أو خارجه، لكن الإبتزال في الخارج، هو الشئ الأسرع إلى قعر الهاوية.

أحمد المسلماني

مؤسس مجتمع الهجرة معنا، رحال فى بلاد الله، أعشق السفر و الترحال، فـ لطالما تمنيت أن أبقى مسافراً في الدنيا بين أرجائها، تائهاً بين سهولها و وديانها و أنهارها، متخذاً من الطبيعة رداءً بعيداً عن ثرثرة البشر و ضوضاء الحياة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى